مقالات
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد أن الإسلام يهتم ببناء الرجال

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد أن الإسلام يهتم ببناء الرجال
بقلم / المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
أن الإسلام إهتم ببناء الرجال في ظلِّ العبادات؛ الفرائض منها والنوافل، وأنَّ المؤمن القويَّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف، فمقام العزَّة والقوة لا يتأتَّى من فراغ، ولكن لا بد من تربيةٍ عالية في ظلِّ طاعةِ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فكانت الصلاةُ هي بابَ العبودية لله عز وجل؛ فهي صيانة للرجولة، وتحصين لها من هواجس النفس والشيطان، وقد شرعت صلاةُ قيامِ الليل لتربية الرجال، ونظرًا إلى ما فيه من فوائدَ خاطَبَ الله بها حبيبَه بقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 1 – 4].
ومن رحمته بالأُمَّة لم يجعله فرضًا عليها، بل هو نافلة يؤدِّيها القادرُ عليها، الطائع لربِّه في ضوء قوله تعالى وصفًا لأهل الجنة: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 16، 17]، وقوله: ﴿ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 18].
ففي قيام الليل من النشاط والرياضة التي يستفيد منها الجسم والقلب؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ﴾ [المزمل: 6].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأبُ الصالحين قبلكم، ومَنهاة عن الإثم، وقُربة إلى الله تعالى، وتكفير للسيِّئات، ومَطردة للداء عن الجسد))؛ (رواه الترمذي).
هذا، ولقد أرشَدَنا سيدُ البشر صلى الله عليه وسلم إلى أعدل النوم، وهو نوم سيدنا داود عليه السلام؛ حيث كان ينام مِن أول الليل، ثم يقوم منه، ثم يعاود النوم قليلًا، ثم يقوم لوقت السَّحَر، وكذلك كان نوم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يجب علينا أنْ ننتبه إلى حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي أخرجه ابن ماجه وغيره، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يَعقِد الشيطان على قافية رأس أحدِكم بالليل بحبل فيه ثلاث عُقَد، فإن استيقظ فَذَكَر الله انحلَّت عقدةٌ، فإذا قام فتوضَّأ انحلَّت عقدة، فإذا قام إلى الصلاة انحلَّت عُقَدُه كلُّها، فيُصبح نشيطًا طيبَ النَّفْس قد أصاب خيرًا، وإن لم يفعل أصبح كَسِلًا، خبيثَ النَّفْس، لم يُصِب خيرًا))؛ (صححه الألباني).
فالنشاط لا يناله الجسد إلا بعد الوضوء وأداء الصلاة بحركاتها الرياضية التي يذهب في ظلِّها الخُمول والكسل، فتعودُ للجسد حيويتُه ونضارتُه، وقوَّتُه التي يمارس بها شؤونَ حياتِه.
ولا شك أنَّ الشيطان يستحوذ على كلِّ مَن نام على غير وضوء، ولم يُصلِّ العِشاء، والذين لم يذكروا الله عند نومهم، أمَّا مَن قرأ آيةَ الكرسيِّ عند نومه، فقد ثَبَت أنَّه يُحفَظ من الشيطان حتى يصبح، وصدق ربُّ العزَّة إذ يقول: ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾ [الحجر: 42].
الفوائد الصحية لقطع النوم لأداء قيام الليل وصلاة الفجر:
إذا نام الإنسان طويلًا تقلُّ نبضات قلبِه، فيجري الدم ببطءٍ شديدٍ، فإذا قطَعَ المسلم نومَه لأداء ركعاتِ قيام الليل وصلاة الفجر في وقتها، وقى نفسَه من أمراض القلب وتصلُّب الشرايين، وأكَّد خبراء وأطباء القلب أنَّ أداءَ صلاةِ الفجر في موعدها المحدَّد يوميًّا، خير وسيلة للوقاية والعلاج مِن أمراض القلب وتصلُّب الشرايين، بما في ذلك احتشاء عضلة القلب المسببة للجلطة القلبية، وتصلُّب الشرايين المسببة للسكتة الدماغية.
وأكَّدت الأبحاث العلمية والطبية أنَّ مرض احتشاء القلب هو أخطر الأمراض، وكذلك مرض تصلُّب الشرايين وانسداد الشريان التاجي، وسببها الرئيس هو النوم الطويل لعدَّة ساعات سواء في النهار أو الليل.
وأظهرت نتائج الدراسة أنَّ الإنسان إذا نام طويلًا قلَّت نبضات قلبه إلى درجة قليلة جدًّا لا تتجاوز (50 نبضة) في الدقيقة، وحينما تقلُّ نبضات القلب يجري الدم في الأوعية الدموية والشرايين ببطءٍ شديدٍ، الأمر الذي يؤدِّي إلى ترسب الأملاح والدهنيات على جدران الأوردة والشرايين، وبخاصة الشريان التاجي مما يؤدِّي إلى انسداده.
ومن هنا جاءت نصيحةُ الأطباء بالامتناع عن النوم لفترات طويلة، بحيث لا تزيد فترة النوم على أربع ساعات؛ حيث يجب النهوض من النوم وأداء جهد حركي لمدة 15 دقيقة على الأقلِّ، وهو الأمر الذي يوفِّره أداءُ صلاة القيام والفجر بصورة يوميَّة.
طرد الداء من الجسد بقيام الليل وصلاة الفجر:
يؤدِّي قيام الليل إلى طرد الداء من جسم الإنسان؛ فقد ثَبَت الآتي:
يؤدِّي قيامُ الليل إلى تقليل إفراز هرمون الكورتيزون، وهو هرمون طبيعي (يفرزه الجسد) خصوصًا قبل الاستيقاظ بعدَّة ساعات، وهو ما يوافق وقت السَّحَر (الثلث الأخير من الليل)؛ ممَّا يقي من الزيادة المفاجئة في مستوى سكر الدم الذي يشكِّل خطورةً على مرضى السكر، ويقلِّل كذلك من الارتفاع المفاجئ في ضغط الدم الذي يؤدِّي إلى السكتة الدماغية والأزمة القلبيَّة.
يقلِّل قيامُ الليل من مخاطر تخثُّر الدم في وريد العين الشبكيِّ الذي يحدث نتيجةً لبُطءِ سريان الدم أثناء النوم وزيادة لزوجةِ الدم، بسبب قلَّة تناول السوائل، أو زيادة فِقدانها، أو بسبب السمنة المفرطة وصعوبة التنفُّس.
يؤدِّي قيام الليل إلى تَحسُّن وليونة العمودِ الفقريِّ ومفاصل الجسد، نتيجةَ الحركة الخفيفة والتدليك بالماء عند الوضوء.
قيام الليل يخلِّص الجسم من الجليسيرات الثلاثية (نوع من الدهون) التي تتراكم في الدم، خصوصًا بعد تناول العشاء المحتوي على نسبةٍ عالية من الدهون التي تزيد مِن مخاطرِ الإصابة بأمراض شرايين القلب.
يقلِّل قيام الليل من مخاطر الموت المفاجئ، بسبب اضطراب ضربات القلب، لِمَا يصاحبه من تنفُّس هواء نقيٍّ خالٍ من ملوثات النهار، وأهمُّها عوادم السيارات ومسببات الحساسية.
قيام الليل ينشِّط الذاكرة، وينبِّه وظائفَ المخ الذهنية المختلفة، لِمَا فيه من قراءة وتدبُّر للقرآن وذِكْر للأدعية، وأذكار الصباح والمساء، فيقي الإنسانَ المسلم من أمراض الزهايمر وخرف الشيخوخة والاكتئاب.
يقلِّل قيامُ الليل من شدَّة حدوث مرض طنين الأذن لأسباب غير معروفة.
هذه فوائد الصلاة عامَّة وقيام الليل خاصة، تربَّى الصحابة رضوان الله عليهم في ظلِّها، وفي ساحة المسجد النبوي، فتخرَّج من بينهم الأبطال والقادة في المعارك الحربيَّة؛ كانوا رهبانًا بالليل، فرسانًا بالنهار، كما وصفهم القرآن الكريم في قوله: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ [الذاريات: 17 – 19].
فهل آن الأوان لتصحيح الأخطاء وتقويم المسار، فَنَعِي قيمةَ الصلاة والعبودية لله الواحد القهار، فنتمسَّك بذلك فارِّين إلى الله تعالى ليأخذَ بأيدينا وينجِّينا من هذا التيه.
تم نسخ الرابط بنجاح!