دنيا و دين

النفس: اماره بالسوء ام  وسواس الشيطان.

بقلم /عفاف كمال الدين.

عندما يقع الانسان  في معصيه يتسال ، هل المعصية التي اقترفها هي من وسوسة الشيطان أم من وسوسة النفس الأمارة بالسوء؟
وجاء في  القران الكريم  الجواب .
قال تعالي( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )صدق الله العظيم.

ففي الايه الكريمه الشيطان نفي  أن يكون له سلطان على ابن آدم، والسلطان  إما سلطانَ قَهْر أو سلطانَ إقناع؛ وسلطان القَهْر يعني أن يملك أحدٌ من القوة ما يقهر به غيره على أنْ يفعلَ ما يكره، بينما يكون كارهًا للفعل، أما سلطان الحجة فهو أن يملك منطقًا يجعلك تعمل وفق ما يطلبه منك وتحب ما تفعل، وهكذا يعترف الشيطان للبشر يوم الحشر الأعظم؛ ويقول: أريد أنْ أناقشكم؛ هل كان لي سلطان قَهْريّ أقهركم به؟ هل كان لي سلطان إقناع أقعنكم به على اتباع طريقي؟

لم يكن لي في دنياكم هذه ولا تلك، فلا تتهموني ولا تجعلوني “شماعة” تُعلِّقون عليّ أخطاءكم؛ فقد غويتُ من قبلكم وخالفتُ أمر ربي؛ ولم يكن لي عليكم سلطان سوى أن دعوتُكم فاستجبتم لي، وكل ما كان لي عندكم أنِّي حرَّكْتُ فيكم نوازع أنفسكم، وتحرَّكت نوازع أنفسكم من بعد ذلك لِتُقبِلوا على المعصية

الشيطان اما ان  يُحرِّك نوازع النفس؛ أو يترك النفس تتحرك بنوازعها إلى المعصية؛ وهي كافية لفعل ذلك

الفرق بين وسوسة النفس وسوسة الشيطان؟

أن النفس تلح على الإنسان لفعل معصية بعينها لشهوتها بها، وكلما جاهدها الإنسان كلما ألحت عليه لفعل تلك المعصية.

واما وسوسة الشيطان تكون بغير إلحاح على الإنسان بفعل معصية بعينها، وإنما بفعل أى معصية تجعلك بعيدًا عن طاعة الله تعالى وتنفيذ أوامره واجتناب نواهيه، وكلما جاهدته أتاك بمعصية أخرى غير سابقتها لتفعلها
الشيطان يريد الإنسان عاصيًا على أيِّ لَوْن؛ فالمهم أنْ يعصي فقط؛ لذلك يحاول أن يدخل الإنسان من نقطة ضعفه؛ فإنْ وجده قويًا في ناحية اتجه إلى أخرى.

عن أبي هريرة أَنَّ أَبا بَكرٍ الصِّدِّيقَ،- رضي الله عنه-  قَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِكَلمَاتٍ أَقُولُهُنَّ إِذَا أَصْبَحْتُ وإِذَا أَمْسَيتُ،
قَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَواتِ والأرضِ عَالمَ الغَيْب وَالشَّهَادةِ،
ربَّ كُلِّ شَيءٍ وَمَلِيكَهُ. أَشْهَدُ أَن لاَ إِله إِلاَّ أَنتَ،
أَعُوذُ بكَ منْ شَرِّ نَفسي وشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكهِ”
قَالَ: “قُلْها إِذا أَصْبحْتَ، وَإِذا أَمْسَيْتَ، وإِذا أَخذْتَ مَضْجِعَكَ
رواه أَبُو داود والترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيح.

الحقيقة أن معظم الذنوب والمعاصي التي يقترفها الإنسان
هي من عمل النفس البشرية وقد قال تعالى في القرآن الكريم
أن كيد الشيطان ضعيف
(الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا
يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً .سورة النساء

وعليه فالإنسان عليه أن ينتبه لنفسه اولاً قبل الشيطان
كما قال البوصيري (وخالف النفس والشيطان معصية).
وعلاج الشيطان الإستعاذة
(وإا ينزغنّك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم
إن الذين اتقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكّروا فإذا هم مبصرون)سورة الاعراف.

علاج النفس فلا ينفع معها استعاذة لكن الذي ينفع هو العزيمة.
على الإنسان أن يعقد العزم على أن يخالف ما تدعوه إليه نفسه

والنفس عادة تدعو إلى أمور لا خير من وراءها
لأن النفس البشرية تقدّر الأمور بغير مقدارها،
والنفس تطمع ولا تشبع أو تقنع كما ورد في الحديث :
لو كان لابن آدم وادياً من ذهب لتمنى اثنان
ولو كان له اثنان لتمنى ثلاث
ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب.
والإنسان العاقل هو الذي لا يستكين لأهواء نفسه
لأن النفس تنفر عادة من التكاليف ولذا يجب أن يرغم الإنسان نفسه على ما تكره حتى يصل إلى ما يحب
حفّت الجنة بالمكاره وحفّت النار بالشهوات
فكل شهوة ترضي بها النفس هي طريق إلى النار
وكل شهوة يقمع النفس عنها هي طريق إلى الجنّة

جعلنا الله واياكم  من اهلها وسكانها .

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى