دنيا و دين

فى رحاب القرآن.

الشيخ محمود عبد الصمد 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين محمد صلى الله عليه وسلم وبعد
أن المتأمل للقران الكريم يجد أن الله تعالى لم يفرط فى كتابه من شىء
تعالى معى وتدبر هذه الآية
{ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا } ..

{ زِينَةً لَّهَا } ؛ وليس لنا ..
وكلّ ما على الأرض فهذا مقامه !
وحينَ ينطفىءُ الكون ؛ ستنطفىءُ الزينة ، وتُصبح العَتمة سّيدة المكان ..
حيث لا ضوء يَفيق ..
فقطْ خيالُ الحَياةُ ؛ ولظَى الذّكريات !
وفي لحظة سَرمدية آتية ؛ ستتساءَل البشرية :
كيف كُنّا نقاتل مِن أجل هذا الخَراب ؟
ياللغفلة .. إذ ننسى أن تلك هي مِحنة الوجود !
يختَبرنا الله بالزينة ..
فينكشفُ مدى تماسُك الغيب فينا .. إذْ محنةُ الحياة ؛ في اغراءِ زينتها ..
والزينةُ ؛ هي فوضى العَقل ..
وفوضى الرُوح .
تنالُ من تماسُكنا ..
ونحنُ نغرق في صَخَبها ؛ حتى نكادُ ننسى :
أنَّ ما على الأرض زينة لها ؛ وليسَ لنا !
ترى ..
هل هذا هو قدرنا أن نكون نحن والزينة خطّين مُتوازيين .. نلتقي بها إذا انحَنينا لها !
تُسافر الزّينةُ خِلسة في أعيننا..
تعصفُ الزينة في تَلألُئِها .. تشتدّ في زَهوتها ..
زاهية ألوانَ ضَحكتها .
تجوعُ لها أعيننا ..
وكلّما توغَّلتْ فينا ؛ فقَدْنا البَصيرة !
تَطغى على صوت القَبر ؛ وهو يقتربُ مِنّا ..
تَشدّنا ؛ ونشدّ طَرَفاً منها ..
ولا ننتبهُ .. أنّ عُمْرَ الدُنيا ؛ مثل ارتعاشةِ السّعف إذْ قارَبَ زمنَ ذُبوله !
{ زِينَةً لَّهَا } ..
قِفْ بروحك هنيهة على شُرفة الزمن ..
ثمّ قَدِّر عُمْر الزّينة إلى عُمْر الأبَد !
ما أيسرَ ..
أن يتهاوى العُمر المَكتوب ؛ إلى زمنٍ ماضٍ !
وما أسرعَ ..
أنْ نفيقَ من غيبوبةِ الزينة ؛ ونرى الحَقائق تَنهمر ..
تلك لحظةٌ فوق حدود الرُؤية ؛ يقتنصها لكَ القرآن من زمنِ مَغيبِ الحياة ، ويَحملها لكَ ؛ كيْ لا تنسى :
أنّ { مَا عَلى الأرضِ زينةً لَها } !
وقدْ قالها إبن القيّم :
( الّلهم أرِنا الأشياءَ كما هي ) ..
حتَى لا نرى الفاني باقٍ .. ونَنسى !

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى