
احمد الله جمال
في خضم الحياة العصرية المتسارعة، تحتل الرياضة مكانة بارزة في حياة الأفراد والمجتمعات، فهي ليست مجرد وسيلة للترفيه أو التسلية، بل أصبحت عنصرًا أساسيًا في الحفاظ على الصحة الجسدية والنفسية، وتعزيز القيم الاجتماعية والسلوكيات الإيجابية. وقد أولى الإسلام أهمية كبيرة للعناية بالجسد، واعتبره أمانة يجب حفظها، كما شجّع على ممارسة الرياضات النافعة، مما يدل على وعي حضاري عميق سبق كثيرًا من الأمم والحضارات.
الرياضة في ميزان الشريعة
لقد جاءت الشريعة الإسلامية شاملة لجوانب الحياة كافة، ولم تغفل أهمية الحركة والنشاط البدني، بل دعت إلى التوازن بين الجسد والروح. يقول الله تعالى في كتابه الكريم:
﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾ وقد فسّر النبي ﷺ “القوة” في الحديث بقوله: «ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي» [رواه مسلم]، في إشارة واضحة إلى أهمية التدريب والإعداد البدني.
كما ورد عن النبي ﷺ أنه سابق السيدة عائشة رضي الله عنها، فسبقته مرة وسبقها أخرى، وقال لها: «هذه بتلك» [رواه أحمد]. وهذا يدل على مشروعية الرياضة والترويح عن النفس، ما دامت في إطار الأدب والاحترام وعدم الإضرار بالنفس أو الغير.
أثر الرياضة على الصحة والمجتمع
لا يخفى على أحد ما للرياضة من فوائد صحية عظيمة، فهي تقي من الأمراض المزمنة مثل السمنة، والسكري، وأمراض القلب، كما تسهم في تحسين الحالة النفسية وتقليل التوتر والقلق. ومن الناحية الاجتماعية، تغرس الرياضة قيم التعاون والانضباط، وتُعزّز روح الفريق والمنافسة الشريفة.
وقد أظهرت الدراسات الحديثة أن الأفراد الذين يمارسون الرياضة بانتظام يتمتعون بمستوى عالٍ من التركيز والإنجاز، فضلاً عن القدرة على اتخاذ قرارات سليمة في أوقات الضغط.
الرياضة مسؤولية وتربية
إن مسؤولية ترسيخ ثقافة الرياضة لا تقع على الفرد فحسب، بل هي واجب مشترك بين الأسرة، والمدرسة، ووسائل الإعلام، ومؤسسات الدولة. ومن الضروري غرس حب الرياضة في نفوس الأطفال منذ الصغر، ليس فقط لبناء أجسامهم، بل أيضًا لتربية عقولهم، وصقل شخصياتهم.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «علّموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل»، وهي دعوة صريحة للاهتمام بالرياضة كجزء من التربية الإسلامية المتوازنة.
الرياضة ليست ترفًا، بل ضرورة تمليها علينا طبيعة الحياة، وصحة الأبدان، ومتطلبات العصر. ومن حسن حظّنا أن ديننا الحنيف لم يغفل عنها، بل دعا إليها ورغّب فيها، فأصبح من الواجب علينا أن نعيد النظر في نمط حياتنا، ونجعل للرياضة مكانًا ثابتًا في جدولنا اليومي، محافظةً على نعمة الجسد، وتعبيرًا عن شكرنا لله عز وجل الذي قال:
﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾
فلنحرص على أجسادنا، ولنجعل من الرياضة وسيلة للإرتقاء بأنفسنا نحو حياة أكثر صحة وتوازنًا، روحيًا وجسديًا.
التعليقات:
ساجده لله
احسنت النشر
24 يونيو، 2025 | 12:05 صماجدة مجاور
شكرا جزيلا لحضرتك علي الموضوع الشيق
24 يونيو، 2025 | 2:19 م