
اليوم، 15 أبريل، تحل ذكرى ميلاد أحد أعظم فناني الكوميديا المصرية والعربية، الفنان الكبير عبد الفتاح القصرى.

طفولته وبداياته الفنية
ولد عبد الفتاح فؤاد حافظ القصرى، المشهور فنيًا بـ”عبد الفتاح القصرى”، يوم 15 أبريل عام 1897 في حي الجمالية بالقاهرة، وسط عائلة ثرية، حيث كان والده يعمل في تجارة الذهب.

كان قدوم الطفل عبد الفتاح فرحة كبرى للعائلة، خاصة جده، إذ كانت الأسرة قليلة الإنجاب. وُلد وفي فمه “ملعقة من ذهب” كما يقال، وتلقى تربية مدللة حرص فيها والده على أن يكون من طبقة الصفوة.

التحق بمدرسة “الفرير” الفرنسية (القديس يوسف)، وأتقن الفرنسية والإنجليزية، خلافًا لما قيل عنه بأنه أُمي. عاش حياة مزدوجة بين المدرسة التي ضمت أبناء الطبقات الراقية، وبين حي الجمالية الشعبي، حيث كان يتردد على بيت جده ويخالط “أولاد البلد”، ويتشرب منهم سلوكهم ولهجتهم.

منذ طفولته، أحب الفن، وكان لقصر قامته، شعره الأملس، وإصابته بالحول في إحدى عينيه، وطريقته في النطق، دور في منحه طابعًا مميزًا جعله مرشحًا طبيعيًا للكوميديا.
بدأ مشواره الفني في فرق الهواة والمسارح المتنقلة دون مقابل.

فرقتا فوزي الجزايرلي وعبد الرحمن رشدي
انضم القصرى أولًا إلى فرقة الفنان فوزي الجزايرلي، ثم إلى فرقة عبد الرحمن رشدي. ولكن مع تدهور أوضاعهما المادية، بحث عن فرصة جديدة تتيح له الاستمرار في المسرح الذي عشقه.

صفعة جورج أبيض الشهيرة!
التحق بفرقة الفنان الكبير جورج أبيض، وشارك في مسرحية “أوديب ملكًا”، حيث لعب دور “العراف”. يحكي الناقد الفني ماهر زهدي في اليوم السابع، أن جورج أبيض اختاره لقدرته على التحدث بلغات أجنبية وترجمته للنصوص المسرحية.
في أحد العروض، تجاوز القصرى النص وأضاف بصوته الجهوري:
“واحسرتاه… واحسرتاه… أنت تقول لي صه؟!”
فانفجر الجمهور ضحكًا، مما أخرج جورج أبيض عن حالة التراجيديا، فأغلق الستار غاضبًا، وصفع القصرى في الكواليس قائلاً له:
“أنت ممثل فاشل، ولا تصلح للمسرح!”
لكن ما ظنه القصرى نهاية، كان في الحقيقة بداية مشواره الحقيقي…

الريحاني يبحث عن الممثل الذي صفعه جورج أبيض!
في اليوم التالي، امتلأت الصحف بأخبار الواقعة، وقرأها الفنان نجيب الريحاني، الذي أسرع للبحث عن الممثل “المطرود”، وضمه إلى فرقته بمقابل مادي، ليبدأ القصرى انطلاقته الحقيقية نحو المجد الكوميدي.
تهديد والده بحرمانه من الميراث
لم يكن الوالد راضيًا عن توجه ابنه الفني، خاصة بعد تكرار سهره خارج المنزل، وهدده بحرمانه من الميراث وطرده من البيت.
ترك الدراسة من أجل الفن
في أغسطس 1916، أصبح القصرى عضوًا بارزًا في فرقة نجيب الريحاني، فقرر ترك الدراسة وتفرغ للفن، وتخلى كذلك عن عمله في تجارة والده. كانت المقاهي الشعبية مسرحًا لتقليده الناس والتقاط شخصياته الكوميدية من قلب المجتمع.
إلى اللقاء في الجزء الثاني… مع الفنان عبد الفتاح القصرى: ابن الأكابر، المثقف المدلل، وصاحب النهاية المأساوية.