
الشيخ سلامة حجازي.. المنشد الديني الذي أصبح مغنيًا ومسرحيًا
يُعد الشيخ سلامة حجازي أول منشد ديني يتحول إلى الغناء، وأول من نقل الأغنية من مجلس التخت إلى خشبة المسرح. سبق عصره ومهد الطريق أمام الموسيقار الشيخ سيد درويش، ويُعتبر مكتشفه إلى جانب اكتشافه العشرات من الفنانين المطربين والملحنين في ذلك الوقت.

طفولته وبداياته الفنية
وُلد سلامة حجازي عام 1852 بحي رأس التين في مدينة الإسكندرية. فقد والده وهو في الثالثة من عمره، فتولى جده تربيته. كما تكفّل الشيخ سلامة الراسي برعايته وتعليمه دينيًا، فحفظ القرآن الكريم وتعلم فن الإنشاد الديني في زاوية الشيخ المراسي.
لم يكن الإنشاد مصدر رزق كافٍ، فتعلم مهنة الحلاقة لكسب قوته. وبعد وفاة الشيخ المراسي، تولى سلامة حجازي مكانه، وواصل دراسة الإنشاد الديني على يد الشيخين درويش الحريري وخليل مخرم، وارتدى الزي الأزهري المتمثل في الجبة والقفطان والعمامة.
من المؤذنة إلى المسرح
عمل مؤذنًا في مسجد الأباصيري، ثم في مسجد أبو العباس بالإسكندرية. وبعد فترة، انتقل من الإنشاد الديني إلى الغناء، فكوّن فرقته الموسيقية الخاصة، وسرعان ما أصبح نجم الحفلات والأفراح والمولد النبوي.
الانتقال إلى المسرح والغناء بين فصول العروض
عام 1884، انضم إلى فرقة يوسف ظاظا المسرحية، حيث كان يغني بين فصول المسرحيات. لاحظ المطرب الكبير عبده الحامولي قوة صوته ونبرته العالية، فنصحه بالانضمام إلى فرقة سليمان القرداحي المسرحية، وبالفعل أصبح مغني الفرقة الأساسي.
وفي 1885، وقع عقدًا لتمثيل وغناء دور في مسرحية “مي هوارس”، التي قُدمت على مسرح الأوبرا، والمقتبسة عن مسرحية “هاملت” لشكسبير. ثم انتقل إلى فرقة إسكندر فرح المسرحية، حيث قدم العديد من العروض في القاهرة.
تأسيس فرقته الخاصة “دار التمثيل العربي”
أسس سلامة حجازي فرقته المسرحية الخاصة، التي أطلق عليها “دار التمثيل العربي”، حيث اختار لها أفضل المسرحيات التي قام بتلحينها وأداء بطولتها. شهدت فرقته انطلاق العديد من الأسماء الكبيرة في المسرح، مثل:
- عزيز عيد
- محمود حبيب
- أحمد فهمي
- محمد بهجت
وقدم مع فرقته العديد من المسرحيات الغنائية الشهيرة، مثل:
- شهداء الغرام
- روميو وجولييت
- الرجاء بعد اليأس
- الأمير حسن
- غانية الأندلس
انضمام جورج أبيض إلى فرقته
انضم الفنان جورج أبيض إلى فرقة سلامة حجازي في بدايتها، وقدم معه العديد من العروض المسرحية، مثل:
- لويس الحادي عشر
- عطيل
- أوديب ملكًا
بعد نجاح فرقته، انتقل بها إلى سوريا ولبنان، حيث قدم عروضًا ناجحة في دمشق وحلب وبيروت.
إدخال عناصر جديدة إلى المسرح
خلال مسيرته، ضم سلامة حجازي عددًا من الفنانين البارزين إلى فرقته، مثل:
- أمين عطا الله (الممثل السوري) الذي تخصص في تقديم الإسكتشات الضاحكة بين فصول المسرحيات.
- سيد الصفتي الذي شارك في الغناء المسرحي.
- المسيو أوريست لمبو الذي قدم عروض الألعاب السحرية.
وكان أول من قدم عروض السينما توغراف وألعاب السيف ضمن مسرحياته، مما أضفى على عروضه طابعًا مميزًا.
رحلاته وعروضه الخيرية
لم تقتصر أعمال سلامة حجازي على العروض المسرحية التجارية، بل كان من أوائل الفنانين الذين قدموا عروضًا خيرية، حيث خصص دخل بعض المسرحيات لدعم مشاريع خيرية، منها:
- مسرحية الصدق الماسوني لدعم مشروع الجامعة المصرية.
- مسرحية هاملت لصالح منكوبى روسيا (مارس 1907).
- مسرحية اللص الشريف لصالح جمعية خيرية للأقباط الكاثوليك.
- مسرحية غرام وانتقام لدعم مدرسة للأيتام.
كما ألقى كل من إسماعيل عاصم (ممثلًا عن الجامعة المصرية) وخليل مطران خطبًا لمدحه خلال هذه الفعاليات.
رحلاته إلى الشام وسقوطه على المسرح
قام برحلته الثانية إلى بلاد الشام في يوليو 1908، وأعلن عن رغبته في ضم ممثلين جدد إلى فرقته، بشرط إجادتهم اللغة العربية.
عاد إلى القاهرة ليقدم مسرحية “صلاح الدين الأيوبي”، ثم أعاد تقديم “شهداء الغرام” بناءً على طلب الجمهور. وسافر مرة أخرى إلى سوريا ولبنان عام 1909.
وخلال أحد عروضه في سوريا، سقط مغشيًا عليه على خشبة المسرح. ورغم تحسنه جزئيًا، أصر على استكمال دوره وهو جالس على كرسي متحرك!
ختامًا
كان الشيخ سلامة حجازي شخصية فنية استثنائية، فهو أول من نقل الأغنية من مجلس التخت إلى المسرح، وأحد أهم رواد المسرح الغنائي في العالم العربي. ترك إرثًا فنيًا كبيرًا مهد الطريق لجيل كامل من الفنانين، وكان قدوةً للعديد من الممثلين والمطربين الذين جاؤوا من بعده.
المراجع
هنداوي
فيسبوك
ويكيبيديا
تحياتي،
حسني طلبة