غير مصنف

سبتمبر عيد الفلاح المصري

 

سبتمبر عيد الفلاح المصري
تقرير – د. أحمد عبد الخالق
تحتفل مصر في التاسع من شهر سبتمبر من كل عام بعيد الفلاح، والذي يواكب ذكرى وقوف القائد أحمد عرابي ابن محافظة الشرقية في نفس اليوم من العام 1881 أمام خديوي مصر، مدافعاً عن المصريين، قائلاً كلمته الشهيرة “لقد خلقنا الله أحراراً ولم يخلقنا عقاراً أو تراثا فوالله الذي لا إله غيره أننا لن نورث ولن نستعبد بعد اليوم”، ويواكب أيضاً إصدار الزعيم الراحل جمال عبد الناصر قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 في عام 1952 الذي أعاد للفلاحين المصريين جزءاً ضئيلاً من حقوقهم، بعد أن كانوا يعملون مأجورين مستعبدين بأراضي الإقطاع، ليسطر الزعيم بخط يده حدثاً عظيماً لن ينساه التاريخ بأن أنهى زمن الإقطاع، تفعيلاً لأحد أهم مبادئ ثورة يوليو1952 المجيدة.

ولقد اتخذت محافظة الشرقية من يوم التاسع من سبتمبر عيداً قومياً لها، تجسيداً وتقديراً للموقف البطولي لأحد أبنائها، وهو الزعيم أحمد عرابي ابن قرية هرية رزنة مركز الزقازيق، وكونها من أكبر المحافظات الزراعية في مصر فكان العيد القومي للمحافظة تخليداً لقيمة الزراعة في حياة المصريين، وامتداداً للمشروعات القومية الهامة التي تشهدها المحافظة، ففي نفس اليوم من كل عام تشهد المحافظة افتتاح العديد من المشروعات القومية سواء الخاصة بالزراعة أو بغيرها.

مهنة الزراعة في مصر لم تكن حديثة العهد، بل شهدت عليها معابد قدماء المصريين، فقد بدأت من العصر الحجري الحديث، فكان أول زراع في التاريخ موجودون في مرمدة بني سلامة “إمبابة حالياً” وفي الفيوم، وكان القمح والشعير أول الحبوب المزروعة في مصر، حتى صارت مصر سلة غلال العالم القديم، وذلك لما تتمتع به من سريان للنيل بين أراضيها والذي كان يمدها بالماء والطمي الذي ساعد على خصوبة التربة، وانتشرت الزراعة بوادي النيل ودلتاه واشتهرت مصر بالكتان والكروم والزيتون والتين والنخيل والجميز والسنط وبعض الأنواع من البقول والخضروات.

ولقد عاش الفلاح المصري ظروفاً صعبة في العهد الملكي، حيث كان يعمل أجيراً لدى ملاك الأراضي الزراعية التي كانوا يحصلون عليها هبة من الخديوي، كان الفلاح بالكاد يأكل ويطعم أهل بيته، وكان حاله لا يخفى على أحد، إلى أن جاءت ثورة يوليو 1952 بيد أبناء الشعب المصري من الضباط الأحرار، شاعرين بآمال وطموحات الشعب الكادح، لتحمل الثورة في مبادئها انفراجة حقيقة للفلاح الذي عانا عقوداً من الزمن تحت وطأت الذل والاستعباد، فكان التاسع من سبتمبر عيداً حقيقاً وشعاعاً للأمل، فلقد أصدر الزعيم جمال عبد الناصر قانون الإصلاح الزراعي والذي منح لكل فلاح 5 أفدنة من أراضي الإقطاعيين، ليشعر الفلاح ولأول مرة بأنه عاد إليه حقه، وأنه بات آمناً على قوت يومه، فشهدت محافظة كفر الشيخ مركز الحامول وفي قرية الزعفرانة توزيع أول 20ألف فدان على الفلاحين.

ومنذ ذلك التاريخ، توالت اهتمامات الدولة بالفلاح والفلاحين، واهتمامها بالزراعة، فسعت الحكومات المتعاقبة على تحسين الأوضاع المعيشية للفلاح وأسرته، ولعل بنك التسليف الزراعي الذي أنشئ عام 1930 لم يقدم القدر الكافي من الرعاية والدعم للفلاح إلا في العام 1976 عندما تم تغيير اسمه للبنكك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي، ثم البنك الزراعي المصري في عام 2016، ليوفر التمويل اللازم لمختلف أنواع أنشطة التنمية الزراعية والريفية وفقاً للنظم المصرفية المعمول بها في إطار السياسة العامة للدولة.

كما سعت الدولة لميكنة الحيازة الزراعية، حفاظاً على حقوق الفلاح ووصول الدعم لمستحقيه، عن طريق التخلي عن النظام الورقي والحد من تدخل العامل البشري، بإصدار كروت زكية قُدرت ب5ملايين و718ألف مواطن لهم حيازة زراعية، و6000 جمعية زراعية على مستوى الجمهورية، ووضعت وزرارة خطة لتوزيع الكروت الزكية على الفلاحين على مراحل، تمثلت المرحلة الأولى في محافظات الغربية وبورسعيد، والمرحلة الثانية في الشرقية وسوهاج وأسيوط والبحيرة، وتتوالى المحافظات في مراحل تأتي تباعاً.

  • ومع شعور الفلاح بارتياح تجاه ما توليه الدولة له من اهتمام، فهو يتطلع لمزيد من الدعم لتخفيف أعباء المعيشة وتكلفة الزراعة والأسمدة والمبيدات بعد تحرير سعر صرف الدولار، لما شهدته المبيدات الزراعية من ارتفاع غير مسبوق في الأسعار.
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى